(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
145126 مشاهدة
ما يثبت به شهر رمضان


برؤية هلاله، أو إكمال شعبان ثلاثين يوما، قال -صلى الله عليه وسلم- إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فأقدروا له متفق عليه وفي لفظ: فأقدروا له ثلاثين وفي لفظ: فأكملوا عدة شعبان ثلاثين رواه البخاري .
ويصام برؤية عدل لهلاله، ولا يقبل في بقية الشهور إلا عدلان.


قوله: (برؤية هلاله، أو إكمال شعبان... إلخ):
الصيام يجب بشيئين
الأول: رؤية الهلال.
الثاني: إكمال شعبان ثلاثين يوما.
لذلك قال -صلى الله عليه وسلم- إذا رأيتموه- يعني: هلال رمضان- فصوموا، وإذا رأيتموه- يعني: هلال شوال- فأفطروا، فإن غم عليكم- يعني: هلال رمضان. فأقدروا له . متفق عليه .
وقد اختلف العلماء في معنى قوله: فاقدروا له. فذهب الإمام أحمد في روايته المشهورة إلى أن المراد: ضيقوا عليه، أي: قدروه تسعة وعشرين يوما.
والصحيح أن المرادط ما ذكره في الرواية الأخرى: فأقدروا له ثلاثين، وفي رواية: فأكملوا عدة شعبان ثلاثين.
* فعلى القول الأول : إن يوم الشك الذي هو اليوم الثلاثين من شعبان يصام، إذا حال دونه غيم أو قتر؛ لأنه من باب الاحتياط، فقد كان كثير من الصحابة يصومونه إذا لم يروا الهلال؛ لأجل غيم أو قتر ليلة الثلاثين، منهم؛ ابن عمر و عائشة وكانت تقول: لأن أصوم يوما من شعبان، أفضل من أن أفطر يوما من رمضان.
* وعلى القول الثاني : إن يوم الثلاثين من شعبان لا يصام إلا إذا رئي، ولو كان هناك غيم أو قتر، وهذا هو الراجح لقوله -صلى الله عليه وسلم- فأكملوا عدة شعبان ثلاثين.
قوله: (ويصام برؤية عدل لهلاله):
إذا رأى واحد عدل هلال رمضان قبل صومه، وذلك لأنه ليس له دوافع، فيقبل قوله إذا كان عدلا.
وفي حديث ابن عمر ترائى الناس الهلال، فأخبرت النبي-صلى الله عليه وسلمم أني رأيته، فأمر بصيامه . وفي حديث آخر: قدم أعرابي فقال: إني رأيت الهلال، فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ فقال: نعم. فأمر الناس بالصيام .
قوله: (ولا يقبل في بقية الشهور إلا عدلان):
يعني هلال شوال يكون به الإفطار فلا يقبل إلا عدلان، وكذلك هلال ذو الحجة، لأن فيه الحج، وكذلك هلال محرم إذا أراد أن يصوم التاسع والعاشر،
وقد تساهل كثير من الناس في رؤية الهلال، فظهر كذب كثير من الذين يدعون أنهم يرون هلال شوال برؤية منازله، حيث أخبر الله تعالى أن للقمر منازل في قوله: وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ [يس: 39] فإذا تحقق أن هذا الرائي كاذب فلا تقبل روايته بعد ذلك، ولا يكون عدلا، لأن من شروط الرائي أن يكون عدلا، والعدالة لها أوصاف كثيرة مذكورة في كتب الفقه.